بعدما دعت إدارة بايدن حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لاحترام قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والإفراج عن زعيم الأكراد صلاح الدين دميرتاش، والمعارض التركي عثمان كافالا، في أول تصريحاتها عن تركيا، تركزت حول قضايا الحريات وحقوق الإنسان.
وصف مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سولفان، تركيا بمصدر القلق بالنسبة للولايات المتحدة ودول أوروبا، ويعد ذلك أول هجوم من إدارة الرئيس جو بايدن على نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقد أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الإدارة الجديدة برئاسة بايدن، تحث تركيا على احترام هذه الحريات الأساسية، وإيجاد حل سريع وعادل لقضيتي كافالا ودميرتاش، مشيرةً إلى أن الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، أمر "أساسي لأي ديمقراطية سليمة".
ومن بين قضايا حقوق الإنسان في تركيا، والتي انتقدها الديمقراطيون على وجه الخصوص، شراء تركيا لنظام الصواريخ الروسي "إس-400" الذي أغضب حلفاءها في الناتو وأدى إلى عقوبات أميركية، وكذلك عملها العسكري ضد حلفاء أميركا الأكراد في شمال سوريا، ودعمها للجماعات المتطرفة التي تدافع أنقرة عنها بأنها ليست إرهابية وهي ضرورية لحماية مصالحها في المنطقة.
ومن بين الأسباب أيضا، تحركات أردوغان العدوانية ضد اليونان وقبرص بسبب موارد الغاز في شرق البحر المتوسط. كما أن لتركيا دورا في مساعدة إيران على تجنب العقوبات الأميركية، بالإضافة إلى تفجر الخلافات حول قاعدة "إنجرليك" الجوية المشتركة، حيث تستضيف تركيا عددًا كبيرًا من القوات والطائرات الأميركية، ونحو 50 من رؤوسها النووية، والتي هدد أردوغان بقطع الوصول إليها إذا تعرضت بلاده لعقوبات أميركية، لذلك القضايا كثيرة ومتشعبة.
وبناء على تصريحاته السابقة، يبدو أنه سيكون هناك موقف أكثر صرامة من واشنطن. وفي مقابلة في يناير الماضي وصف بايدن أردوغان بأنه "مستبد"، وانتقد أفعاله تجاه الأكراد، وقال إن على الزعيم التركي "دفع الثمن".
هذا ما دفع الولايات المتحدة أن تدعم قادة المعارضة الأتراك "ليكونوا قادرين على مواجهة أردوغان وهزيمته، ليس عن طريق الانقلاب، ولكن بالعملية الانتخابية".
لقد تعهد بايدن بالاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، وهي قضية مثيرة للجدل بشكل كبير بالنسبة لتركيا، والتي تجنب رؤساء الولايات المتحدة الاعتراف بها لمدة قرن. أيضا، لقد أيد المشرعون الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء العقوبات، ردا على كل من الهجمات العسكرية التركية على الأكراد، الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين، وشرائها واختبار نظام الدفاع الصاروخي الروسي "إس-400". وستكون العقوبات بمثابة ضربة مدمرة لاقتصاد تركيا الذي يعاني بالفعل.
من جانبها، هددت تركيا بالانتقام من أي عقوبات، بما في ذلك عرقلة الأميركيين من الوصول لقاعدة "إنجرليك" الجوية الاستراتيجية للغاية، ومع ذلك، قال المتحدث باسم أردوغان، إبراهيم كالين، إن تركيا تعتقد أنه يمكن أن يكون لديها "أجندة جيدة وإيجابية" مع إدارة بايدن، ووصف العقوبات على شراء منظومة "إس-400" الروسية بأنها "تأتي بنتائج عكسية".
ومن المرجح أن تتخذ إدارة بايدن موقفًا أكثر صرامة تجاه تركيا مما فعله دونالد ترمب، لكن هذا يأتي مع مجموعة المخاطر الخاصة به على الولايات المتحدة، أي أن معاقبة حليف مثل تركيا تدفعه أكثر إلى أحضان روسيا. ومع ذلك لا يبدو بايدن قلقا من هذه الفرضية وتصريحاته تجاه تركيا وأردوغان كانت واضحة، وعلى حد تعبير الأكاديمي التركي أحمد علي أوغلو: "ينبغي على تركيا أن تستعد لأربع سنوات صخرية مقبلة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق