لم يعد «الشرق الأوسط» المكان الوحيد الذى لفظ «الإخوان» وكشف وجههم الإرهابى، بل امتدت الأمر إلى الغرب الذى لطالما احتضن عناصر الجماعة، وقدم لهم الدعم المالى والمعنوى والملاذ الآمن حتى يستخدمهم كيفما شاء فى التلاعب بدول المنطقة، لكنه استفاق مؤخرًا على كابوس الإرهاب وشيوع العنف، وتلويث قيم المجتمع الغربى بأفكار رجعية أدت إلى انعزالية قسمت المجتمع ووضعته على شفى كابوس مرعب.
كل مساعى الإخوان الدائرة حاليًا وحملات الاستعطاف والمظلومية التى تنفذها فى إطار البحث عن موضع قدم فى أوروبا، ونقل إمبراطوريتهم الإعلامية للتحريض على بلدان المنطقة، أصبحت بلا قيمة، وخاصة بعد نقل الجزء الأكبر من الملف لأجهزة المخابرات بعد تنحيتها طويلًا، وربما كان أكبر خطيئة ساهمت فى تمدد التنظيم وتعاظم قوته.
حتى يصل الدور الأكبر من ملف الإخوان إلى أجهزة المخابرات الغربية، كان لا بد أن تنشط أولًا حملات مضادة، من جهات سياسية ومجتمع مدنى وقانونيين وبرلمانيين لحماية أوروبا من الوقوع فى فخ مظلوميات الجماعة مرة ثانية، وتتعاظم المطالبات للسلطات باستثمار الفرصة التاريخية الحالية للخلاص من سرطان الإسلاميين على الغرب.
وتجريم الكيانات الخاصة بهم ـ جمعيات دينية بأهداف سياسية ـ التى صنعوها داخل المجتمعات الغربية، وساوموا بها الجميع باعتبارهم الممثلين الشرعيين عن جماهير المسلمين، وكان هدفهم الأساسى الإفلات من القانون والتحريض على الثقافة المدنية للبلدان الغربية.
وعلى رأس التقارير التى قدمت مؤخرًا عن هذه القضية، تقرير درسه مجلس الشيوخ الفرنسى، والذى أوصى بدوره بمنح رئيس الجمهورية الحق فى التدخل لمنع الإسلاميين، وخاصة الإخوان، من تعزيز الانفصالية فى البلاد، والتقرير هاجم الجماعة بشدة، ويشكك فى تحركاتها داخل البلاد ويحملها مسئولية شيوع العنف داخل البلاد.
اللجنة التابعة لمجلس الشيوخ قضت أسابيع طويلة تبحث فى علاقة الإخوان بنشر التطرف فى البلاد وسبل مكافحته، واستمرت نحو ثمانية أشهر منذ بدء جلسات الاستماع والعمل، وشُكلت اللجنة تلبية لطلبات مجموعة من النواب الجمهوريين فى أعقاب الهجوم الذى نفذ فى مقر شرطة باريس، ولم تترك اللجنة فى تاريخ الإخوان شيئا لم تبحث عنه، لدرجة أنها حرصت على تفسير شعار الجماعة المصحف والسيفين المتقاطعين، وأكدت أنه يدعو إلى القتال، وركزت بشكل واضح على شخصية سيد قطب، القوة الدافعة للحركة فى تأجيج الصراع مع الغرب.
التقرير أكد أيضًا أن ضغوط السلطات ستتصاعد بشدة خلال الفترات المقبلة لإسقاط التنظيم الدولى للإخوان، ومراكزه الحيوية فى البلدان الغربية عبر توثيق العلاقة مع الشركاء فى المنطقة العربية، الذين يشاركونهم نفس الموقف من تيارات الإسلام السياسى، فلا مجال مرة أخرى لاختراع دولة داخل الدولة، لأن الواقع وحده أثبت خطورة هذه النبتة الشيطانية على الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق