في السنواتِ الأخيرة، شهدت ألمانيا تناميًا في نشاطاتِ التنظيمات والجماعات المرتبطة بالإسلام السياسي.
تعتبر الشرطة ووكالات الاستخبارات الألمانية ما يقرب من 800 إسلامي وسلفي في ألمانيا إرهابيين محتملين، وفقًا لتقرير مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية في ألمانيا لعام 2018، ومن بين هؤلاء، يوجد حاليًا 450 في ألمانيا، بينما غادر آخرون الدولة، وفي الوقت نفسه، يلاحظ مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية أن انتشار المتطرفين "غير العنيفين" أصبح يمثل مشكلةً متفاقمة.
وتجدر الإشارة إلى أن عددًا من الهجمات الإرهابية قد ضربت ألمانيا في عام 2016، ما استرعى الانتباه إلى البيئة السلفية المتنامية في الدولة، ومنذ 11 سبتمبر 2001، لقي عدد أكبر من المواطنين الألمان حتفهم في هجمات إرهابية نفذتها جماعات تنتمي لتيارات الإسلام السياسي أكثر مما قُتلوا في الحملة الإرهابية التي دامت ثلاثين عامًا على يد الإرهابيين الشيوعيين المدعومين من الاتحاد السوفييتي التابعين لفصيل الجيش الأحمر، المعروف في كثير من الأحيان باسم عصابة بادر- مينهوف.
وقد حذرت أجهزة الأمن، في وقتٍ مبكر من عام 2014، من أن الإرهاب الناشئ من الإسلاميين، سواء كان منظمًا أو فرديًا، أصبح أكبر تهديد في ألمانيا، وفقًا للمكتب الفيدرالي لحماية الدستور، جهاز الاستخبارات الداخلية في ألمانيا، كان هناك ما يقرب من 26 ألف إسلامي في ألمانيا اعتبارًا من أبريل 2018، على الرغم من أن عدد أولئك الذين يُعتقد أنهم يشكلون (التهديد الإسلامي)، أي المتحمسون والقادرون على تنفيذ هجوم إرهابي، أصغر بكثير، قرابة 800 شخص، فإن نصفهم بالفعل خارج الدولة و150 آخرين في السجن. ومن بين الإسلاميين والسلفيين في ألمانيا، يعتقد جهاز الاستخبارات الداخلية أن الجماعة الجهادية السلفية كانت تضم قرابة 10,800 فرد في عام 2017.
ويكافح الألمان للتعامل مع جماعة تضم قرابة 500 متطرف من القوقاز – الشيشان وداغستان وأنجوشيا، هؤلاء الرجال متمرسون ومتحمسون بعد صراعهم الطويل مع الحكومة الروسية، وشاركوا في عمليات التجنيد لصالح تنظيم داعش في سوريا والعراق، ولكن عندما يُنشِئون مراكز للتدريب البدني، مثل فنون الدفاع عن النفس، أو يشرعون في الحصول على الأسلحة، ليس بوسع السلطات فعل الكثير لأن هذه الأنشطة مكفولة لجميع المواطنين.
حقيقة أن عدد أتباع الأيديولوجية السلفية قد "ارتفع إلى أعلى مستوى له على الإطلاق"، أثار قلق السلطات الألمانية لأنه حتى لو بدأ الأمر من دون عنف، فإنه يُخشى أن تتمكن السلفية من تطبيع الأفكار والمفاهيم التي تؤدي إلى التطرف العنيف، وتكمن المشكلة بالنسبة للسلطات الألمانية في أنه حتى مع تنامي الجماعات السلفية، فإنها تتفكك وتصبح أكثر فأكثر ظاهرة شخصية على الإنترنت، مما يجعل من الصعب جدا على السلطات تعقب أفرادها.
وفي إطار مساعيها للتصدي لهذا التهديد، أنشأت الحكومة الألمانية "المركز المشترك لمكافحة الإرهاب"، الذي يعرف اختصارًا باسم (GTAZ) في عام 2004، بغية تنسيق جهود 40 وكالة أمن داخلي، تركز على تحديد خطر الإرهاب الجهادي وتحييده، ويقوم "مركز الإنترنت المشترك" أو (GIZ) بدورٍ مماثل، ولكن في الفضاء الإلكتروني، وتحاول ألمانيا القيام بجهود أخرى تشمل نهج القوة "الناعمة" الذي تتبعه السلطات الألمانية، من حيث إنشاء برامج مجتمعية عدة بالشراكة مع مختلف المنظمات غير الحكومية في مسعى لمنع التطرف من الترسخ والتجذر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق