الأحد، 2 يونيو 2024

قطاع تعليب المياه في تونس بين عقود امتياز وتجاوزات خطرة

تطورات قطاع تعليب المياه في تونس


قطاع تعليب المياه في تونس بين عقود امتياز وتجاوزات خطرة

شهد قطاع تعليب المياه المعدنية في تونس تونس تطوراً لافتاً خلال الأعوام الأخيرة، إذ يعد تراجع الخدمات التي توفرها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه (حكومية) أبرز الدوافع لتصاعد استهلاك التونسيين للمياه المعلبة ، وتبلغ نسبة التونسيين المعرضين لأخطار استهلاك المياه الملوثة 20 في المئة بحسب بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مستقلة).

وارتفع حجم التراخيص الممنوحة لمستثمرين للتنقيب وحفر آبار عميقة من أجل إنشاء وحدات إنتاج وتعليب المياه المعدنية في مقابل تعسر حصول المزارعين على مثل هذه التراخيص في بعض المناطق مما تسبب في احتقان اجتماعي وأثار غضب المنظمات والمتخصصين الذين انتقدوا تواتر منح التراخيص في الأعوام الأخيرة لشركات استغلال المياه وتعليبها عوض العمل على توافر مياه شرب نقية للتونسيين إضافة إلى التغافل عن التداعيات على المخزون من المياه الجوفية في ظل إجهاد مائي غير مسبوق.

عرف قطاع المياه المعدنية في تونس إنشاء أول وحدة إنتاجية للتعليب عام 1963 بمحافظة نابل شرق العاصمة ليتطور إلى 30 وحدة متوزعة على 13 محافظة في الوقت الحالي وتنامى قطاع المياه المعلبة منذ عام 2010 من ثماني شركات تعليب في الفترة الفاصلة بين 2001 و2010 إلى 13 شركة بين عامي 2011 و2020، علماً أن مصادر هذه المياه تدخل ضمن مشمولات الملك العمومي للمياه الذي يعتبر غير قابل للتفويت، إذ يقع منح رخص في صورة لزمات لشركات التعليب وهي عقود استغلال تمتد لفترة زمنية معينة.

ونص القانون على أن "مياه التعليب هي كل المياه النابعة أو غير النابعة التي يمكن تعليبها في حاويات مائية طبقاً للمواصفات التونسية 09.33 و09.83 والشروط المعمول بها حالياً ولا يمكن بأية حال الأحوال أن تصدر هذه المياه عن شبكة لتوزيع مياه الشرب".

 ويخضع هذا القطاع لإشراف الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه (حكومي)الذي تأسس وفق القانون رقم (58) لعام 1975 المؤرخ في الـ 14 من يونيو (حزيران) 1975 وتنقيحه بحسب القانون رقم 102 لعام 1989 وهو مؤسسة عمومية.

وأسهم تطور قطاع المياه المعدنية في ارتفاع استهلاك الفرد للمياه المعلبة من 879 مليون ليتر في عام 2010 إلى 3.275 مليار ليتر للفرد الواحد في 2022، وهو ما يعادل 676 مليون قارورة وفق المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي كشف عن أن تونس تأتي في المرتبة الرابعة عالمياً من حيث استهلاك المياه المعدنية ، وتحتل المركز الـ10 عربياً و الـ75  عالمياً في ترتيب الدول بحسب جودة المياه من أصل 178 دولة وفق موقع "وورلد بيليوشن ريفيوة".

وتجاوزت تعاملات شركات تعليب المياه 850 مليون دينار بترويج 2.7 مليار ليتر مياه معلبة في 2020، وزادت مبيعاتها عن 3.2 مليار ليتر في 2022 محققة رقم تعاملات يزيد على مليار دينار وفق الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه ، واقترن ارتفاع عدد شركات التعليب بزيادة استهلاك التونسيين للمياه المعدنية وتضاعف الاستهلاك في الفترة الفاصلة بين 2015 و2022، إذ زاد من 115 ليتراً للشخص الواحد إلى 274 ليتراً حالياً.

واقترن التنامي السريع لعدد شركات تعليب المياه بتردي جودة مياه الشرب التي تقدمها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه ، وزادت نسب العينات غير المطابقة للمواصفات من الجانب البكتريولوجي، إذ ارتفعت من 9.9 في المئة في 2019 إلى10.1 في المئة في 2020، مما أدى إلى إقبال التونسيين على اقتناء المياه المعدنية المعلبة وفق المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وعلق عضو المكتب التنفيذي بالمنتدى منير حسين لـ"اندبندنت عربية" قائلاً إن "الشكوك التي أحاطت بجودة المياه أسهمت في تنامي قطاع التعليب لكن ذلك لا يمنع إخضاع القطاع إلى لوبيات تمكنت من الرخص بحكم نفوذها وهي تحقق أرباحاً طائلة تجاوزت المؤسسة الحكومية وهي الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه التي يتجاوز عدد عملائها أربعة ملايين مستهلك".

وأرجع ذلك إلى طبيعة عقد الاستغلال وهو ما يطلق عليه عقد امتياز، إذ يحدد سعر المتر مكعب(1000 لتر) بنحو 50 ملم فحسب (0.016 دولار) وهو سعر زهيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق