يوري بوينافنتورا في مهرجان الحمامات: سالسا تنبض بالكرامة وتُغني للسلام

يُواصل مهرجان الحمامات الدولي سهراته الموسيقية في إطار دورته التاسعة والخمسين، حيث شهدت، عرضا للفنّان الكولومبي يوري بوينافنتورا، أحد أبرز أعلام موسيقى السالسا في العالم، في سهرة نقلت إيقاعات الجنوب الكولومبي إلى ضفاف المتوسّط.

ويوري بوينافنتورا فنّان صعد من الهامش الكولومبي، وعاش تجربة الهجرة والعزلة في باريس، وبدأ حياته الفنية من أنفاق الميترو، قبل أن يُتوّج اليوم كأحد أبرز وجوه السالسا عالميًا، ويحظى بوسام "فارس الفنون والآداب" من الحكومة الفرنسية ووسام "الجدارة الثقافية" من كولومبيا.

شبابيك مغلقة

شهد العرض، الذي كان بشبابيك مغلقة، إقبالا جماهيريا كثيفا. ومنذ اعتلائه الركح، أسر يوري بوينافنتورا الجمهور بحضوره الطاغي وصوته المفعم بطاقة الحياة بكلّ تناقضاتها: الفرح والتراجيديا، السلم والحرب، الحب والألم. 

وفي تنقلٍ مدروس بين الأغنية و الأخرى، لم يترك يوري بوينافنتورا مساحة للفراغ. كانت كل لحظة محمّلة بالمعنى، وكل آلة موسيقية تتحدث بلغتها، وكل أغنية تنثر حكاية. كان يُمهّد بالغوص في عالم كل آلة، قبل أن يطلق صوته في السماء، وكأنّه يفتح بوابات الذاكرة الجماعية للجمهور.

وفي كلّ مرة، كان يوري يتوقّف ليُحدّث الجمهور عن السلام والأمل والثقة بالنفس، حيث يقول: "الأمل موجود في كلّ شخص فينا.. فقط، افتحوا له الباب".

"السالسا ليست فقط للرقص"

يُمكن القول إنّ يميّز يوري بوينافنتورا هو الصدق الفني والبُعد الفكري لموسيقاه. فالسالسا في قاموسه ليست فقط للرقص، بل فنّ تعبيري شعبي مقاوم ومحمّل بالقضايا وبالمواقف، وبالوجدان الكولومبي والعالمي. 

ففي أغنيته "El Guerrero"، استحضر مشهد الطفلة الفلسطينية الهاربة من القصف، وقال بتأثر: "لقد كنتُ أتصوّر موسيقاي وهي تحتضنها، تضمّها.. تمنّيت أن لا يحمل أطفالنا كراهيةً لن تقودهم إلى أيّ مكان. علينا أن نعتذر.. لأنّ المسؤولية إنسانية".

وعبّر يوري أكثر من مرّة عن حُبّه لتونس ولجمهورها الذي وصفه بـ "المنتبه والجاد والكريم والمهتم". وأضاف: "لقد جئت بالفعل ثلاث مرات، ولاحظت أنّ تعاملكم لطيف للغاية، وهذا يؤثر فيّ كثيرًا".

وتوجّه في هذا الإطار، بالشكر إلى وزارتيْ التربية والسياحة التونسيتيْن، وكذلك لسفيرة جمهورية كوبا بتونس، مريام مارتيناز لورال.

وفي تصريح لموزاييك حول ''التناقض'' الطاغي بين الطابع المرِح لموسيقاه والمضامين المؤلمة، أجاب: "نعم، لكن إفريقيا من منحتنا ذلك. إفريقيا التي عانت من الاستعمار والعبودية، الغزوات.. مازالت صامدة".

وتابع قائلا: "موسيقاي من إفريقيا. وتعلّمت منها أن نواصل المضي قدمًا بأمل.. أعيش في جزيرة الحب، تلك التي نتشارك بها الكثير... هذا ما أحاول القيام به خلال ساعتين فوق الرّكح".