قصر العدالة |
دفاتر إخوان تونس تحت المجهر.. هل استعاد القضاء استقلاليته؟
قضاء تونس يتعافى أخيرا من قيود الإخوان، كما يرى مراقبون ممن يعتقدون أن إصدار أحكام بحق قتلة المعارض شكري بلعيد بعد 11 عاما على مقتله، يشكل أكبر دليل على ذلك، بانتظار محاكمة مدبري الاغتيال ، حيث أن اخترقه الإخوان فبات مكبلا بقيوده، لكنه «انتفض» ليستعيد استقلاليته ويتدارك هنات عشرية شكلها التنظيم على مقاس أجندته.
فقبل ذلك، ظلت القضايا الشائكة مغلقة أو معلقة، وفي مقدمتها الاغتيالات وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، والجهاز السري للإخوان، إضافة للإرهاب وغيره من الآفات ، وقد أصدر القضاء التونسي أحكاما بالإعدام بحق 4 مدانين في قضية اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد عام 2013، في أول حكم يصدر في هذه القضية التي أثارت صدمة في البلاد وتسببت بأزمة سياسية كبرى.
وأدين 23 شخصا في اغتيال المحامي البالغ 48 عاما داخل سيارته أمام منزله في السادس من فبراير/شباط من العام المذكور. وكان بلعيد من أشد منتقدي حركة «النهضة» الإخوانية الحاكمة في ذلك الحين ، حيث يرى مراقبون أن القضاء التونسي تطهر من أيادي الإخوان التي كانت تتستر على الملفات، حيث بدأ الحسم بالملفات الشائكة.في تعقيبه على الموضوع، يرى عمر اليفرني، الناشط والمحلل السياسي التونسي، أن قضية بلعيد وصدور الحكم فيها يعد «دليلا على تعافي القضاء».
ويقول اليفرني، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن «القضاء التونسي كان أمام اختبار مهم ليثبت مدى تعافيه بعد الإطاحة بكل العناصر الإخوانية التي كانت تتحكم فيه، أمثال وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري والمدعي العام الأسبق البشير العكرمي ومسؤولين بارزين بوزارة الداخلية». وأضاف أن "النهضة منذ وصولها للحكم سنة 2011 تغلغلت في جميع المجالات، وخصوصا القضاء، حيث قامت بوضع المحسوبين عليها على رأس هذا الجهاز".
ولفت إلى أن «الحركة عينت الإخواني البارز نورالدين البحيري على رأس وزارة العدل (يقبع حاليا في السجن)، وقام بإصدار قرارات بالتقاعد الوجوبي بحق القضاة الأكفاء، وأبعد جميع أصوات حق وتحالف مع القضاة الانتهازيين الذين يبيعون مبادئهم من أجل مصالحهم والأموال" ، وتابع أن «البحيري أحاط نفسه بجماعته من القضاة الفاسدين للتستر على القضايا الشائكة التي تتورط فيها النهضة، وفعلا هذا ما حصل حيث لم يتم البت في أي قضية وتم التخلص من الأدلة في سبيل إرضاء التنظيم".
وبحسب الخبير، فإن «القضاء التونسي أصبح أكثر استقلالية، ويحاول أن ينتفض من الداخل للدفاع عن حياديته واستقلاليته» ، من جهته، اعتبر العياشي زمال، رئيس حركة «عازمون» في تونس، أن الأحكام الصادرة بملف قضية اغتيال شكري بلعيد «مهمة للغاية من أجل المحاسبة» ، وأوضح زمال، في تصربح لـ«العين الإخبارية»، أن «الأحكام الصادرة بحق المتهمين تعتبر أول مفاتيح الاستقرار في تونس لأن كشف الحقيقة في هذا الملف الحارق مهم جدا».
وأضاف أن "هناك العديد من الملفات التي يجب فتحها من أجل طيّ الصفحة، بينها قضية اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وملف التسفير والجهاز السري للنهضة" ، وأكد أن "من ارتكب خطأ يجب أن يُعاقب بعيدا عن التجاذبات السياسية" وفي السادس من فبراير/شباط 2013، استفاق التونسيون على نبأ اغتيال بلعيد، المعروف بمعارضته الشديدة لتنظيم النهضة الإخواني، رميا بالرصاص أمام منزله بضواحي العاصمة، كأول واقعة اغتيال تشهده البلاد منذ عام 1956.
وكان بلعيد من أشرس المعارضين لتنظيم الإخوان، إذ اتهمهم علانية بحماية الإرهابيين في تونس ودعم الإرهاب بصفة عامة ، وذهبت اتهامات الاغتيال وتدبيره باتجاه جهاز خاص أو تنظيم سري يتبع حركة النهضة، المرتبطة بتنظيم الإخوان الدولي الإرهابي، كشف عن الوجه القبيح للجماعة خلال "عشريتهم السوداء" في تونس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق