جو بايدن، أول رئيس أمريكي يعترف رسميا بمذبحة الأرمن أثناء حكم الإمبراطورية العثمانية على أنها إبادة جماعية.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحصد اليوم ما زرعه خلال حكمه في تركيا، حيث أدت تصرفاته والظروف المتغيرة للعلاقة بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية إلى حد كبير وإن لم يكن بالكامل إلى تقويض حجج تركيا ضد هذا الاعتراف الذى اعتبره الأرمن انتصارا للإنسانية.
لكن قرار واشنطن جاء مدفوعا بثلاثة أسباب رئيسية جعلت فريقه الرئاسي في البيت الأبيض مستعدًا لاتخاذ هذه الخطوة في حين أن الإدارات الأمريكية السابقة لم تفعل ذلك، حتى لو كان قادتها قد وعدوا بالقيام بذلك في مسار الحملة الانتخابية، كما فعل بايدن.
أول تلك الأسباب كان: ربط أردوغان قيادته لتركيا بصورة الإمبراطورية العثمانية، مستخدمًا إعادة بناء تاريخ الحكم العثماني كمصدر إلهام لآليات حكمه، زاعما أن ذلك سيدخل تركيا إلى المرتبة الأولى بين دول العالم.
وقد حاول أردوغان تصوير الإبادة الجماعية للأرمن على أنها مأساة غير مقصودة، أو حتى لا تختلف عن الأعمال الوحشية التي ارتكبتها الإمبراطورية الروسية أو غيرها خلال الحرب العالمية الأولى، إن أردوغان، مثل العديد من أسلافه، بتلفيقه وتبريراته المزعومة أفسد هذا التاريخ على الشعب التركي، ما جعل من المستحيل على معظمهم إجراء تقييم صادق للفظائع المنظمة التي ارتكبتها تركيا العثمانية، لكن الأجانب لا ينخدعون.
أما السبب الثاني فهو تصرفات أردوغان تجاه القوات الكردية السورية التي عملت مع الولايات المتحدة ضد داعش، وطريقته العدائية تجاه أعضاء حلف "الناتو" وقبرص واليونان فيما يتعلق بالتنقيب عن الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط، والاستحواذ على أنظمة دفاع جوي روسية متقدمة، كل ذلك ساهم في إلغاء أي دعم من مجتمع السياسة الخارجية في واشنطن، وتسببه في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في قره باغ وهدفه قتل الأرمن وتدمير الدولة.
ثالثًا، أن بايدن كشف عن نفسه على أنه النقيض الكبير لترامب، حيث حمى ترامب أردوغان من العقوبات الأكثر إيلامًا وذات المغزى التي رغب الكونجرس في فرضها على أفعاله التي اعتبروا أنها معادية للغرب أو أسوأ.
رغم أن قرار الإدارة الأمريكية كان بمثابة ضربة قاصمه لتركيا إلا أن الأمريكيون الأرمن رحبوا من دون فرح باعتراف جو بايدن بالإبادة الجماعية، معبرين عن أسفهم لأن الرئيس الأمريكي لم يمارس ضغوطا أكبر على تركيا.
تعليق