الجمعة، 30 ديسمبر 2022

ملفات الغرفة السوداء تفضح التنظيم السري لإخوان تونس

زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي
زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي

 أصدر القضاء التونسي بطاقتي إيداع بالسجن في حقّ محمد الخريجي مدير وحدة مكافحة الإرهاب بالقرجاني سابقاً، وبوبكر العبيدي مدير حفظ الوثائق بالإدارة العامة للمصالح المختصة بوزارة الداخلية، وذلك على ذمة الأبحاث المتعلقة بما يعرف"بالغرفة السوداء بوزارة الداخلية".



وبحسب مصادر قضائية، فإن التحقيقات في هذه القضية تشمل أكثر من عشرة متهمين، من بينهم وزير الداخلية الأسبق هشام الفوراتي، وشخصيات أمنية، وهي خطوة يعتبرها مراقبون مهمة جداً ضمن مسار الكشف عن الجهاز السري المتهم بالتورط في الاغتيالات السياسية، والذي طالما أنكرت حركة النهضة الذراع السياسية للإخوان المسلمين في تونس وجوده.



وأثيرت هذه القضية، بعد أن كشفت هيئة الدفاع عن المناضلين محمد البراهمي وشكري بلعيد، في أكتوبر 2018، عن معلوماتٍ ووثائق تفيد بضلوع حركة النهضة الإخوانية في إدارة تنظيمٍ أمني سري، مهمته ممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة، وملاحقة خصوم الحزب، كما تحدث عن أدلة تثبت علاقتها بتصفية المعارضين السياسيين عام 2013.



وتحدثت هيئة الدفاع عن وجود غرفة غامضة في أحد طوابق وزارة الداخليّة التونسيّة، مغلقة منذ 19 ديسمبر 2013، تاريخ القبض على مصطفى خضر المشرف على التنظيم السري لحركة النهضة (مسجون حاليا)، وظلّت أبوابها موصدة إلى حدود نوفمبر 2018 تاريخ إثبات وجودها من قبل قاضي التحقيق الذي عثر على وثائق متعلقة بالتنظيم السرّي لحركة النهضة، ومتعلقة بالاغتيالات، ومن بينها وثائق تخص محمد العوادي المسؤول عن الجناح العسكري لتنظيم "أنصار الشريعة الإرهابي" المتهم في اغتيال محمد البراهمي، وتضمنت الوثائق توصية بضرورة تسخير مرافقة أمنية لمحمد العوادي حتى يغادر تونس.


في السابق كانت هناك إرادة سياسية لطمس حقيقة هذه الغرفة، وغاب التعامل الجدي مع هذا الملف الخطير، وما سيترتب عنه، لكن بتوفُّر هذه الإرادة السياسية المضادة بعد 25 يوليو للمحاسبة، وتصفية حقبة معينة، وما تكشفه هذه الوثائق الموجودة في الغرفة السوداء أخطر بكثير من جرأة أي نظام سياسي كان، وقدرته على التعامل معها لما تضمنته من حقائق مدوية.



كانت حركة النهضة تنفي تماماً وجود أي جهاز سري تابع لها، و”الغرفة السوداء” مجرد شجرة تخفي غابة كاملة حول الجهاز السري للحركة الإخوانية الذي يعود تاريخياً إلى أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، وهو بمثابة الجهاز الاستخباراتي الذي نظم محاولة انقلاب سنة 1987 باعترافات القيادي في حركة النهضة الراحل منصف بن سالم، فضلاً على مسؤولياته عن التفجيرات بمحافظتي سوسة والمنستير السياحيتين فترة الثمانينيات، وعمليات التنّصت على التونسيين ودوره في توفير التمويلات للحركة من خلال نشاط الاقتصاد الموازي، وعمليات تبييض الأموال، وعدد من المهمات القذرة الأخرى، ومسؤوليته عن اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.



إن الغرفة السوداء ورقة توت سقطت لتعري ثغرة كبيرة في جدار الحركة، لكن مازالت الأوراق ستتساقط تباعاً، وستشمل مسؤولين وقيادات عليا صلب النهضة، وستعري حقيقة هذه التنظيم الذي غالط الشعب التونسي والرأي العام الدولي طيلة عشرية كاملة، طالما نفى خلالها ارتباطه بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وتورطه في شبكات التسفير إلى بؤر الإرهاب والاغتيالات السياسية، وكل هذه الحقائق ستُكشف تباعاً في قادم الأيام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق